
أشلاء آدمية.. قصة جريمة حوّلت عاصمة امزاب إلى قبلة للمُنقبين عن الخبر
محمد منفلوطي_هبة بريس
“يا ليغادي العلوة تعال نوصيك بعْدا، لوصلتي سلَّم، العلوة لا تْكلم” بهذه الطلعات يطل عليك نسيم العلوة من بين ضهاب عالية ومنعرجات بطريق شبه متهالكة تعرف انتشارا كثيفا للضباب والكلاب ليلا، مما يعرض السائقين المتوجهين إليها انطلاقا من مدينة سطات، لخطر حوادث السير المميتة.
هنا مدينة ابن أحمد، أو عاصمة امزاب، أو العلوة، سميها ما شئت، لكن أصل الحكاية والرواية، هو تحول هذه الأخيرة إلى قبلة للمُنقبين عن الأخبار، أتوا من حدب وصوب منذ الوهلة الأولى من انتشار خبر العثور على أطراف بشرية داخل مرحاض المسجد الأعظم.
من هنا، بدأت الحكاية، وشد المحققون الرحال وحطوا، لفتح التحقيقات وجمع المعطيات، الجميع جمع العدة واستعد وتوجه نحو عاصمة امزاب، سيارات شرطة وعناصر مسرح الجريمة، وكلاب مدربة، ومحققون من مختلف الأجهزة الأمنية بزي رسمي وآخرون بزي مدني، حتى أضحت مدينة ابن أحمد محجا للعديد من وسائل الإعلام من مواقع الكترونية وأخرى غير ذلك، الكل يسابق الزمن لجمع المعطيات وإجراء الحوارات، دون تسليط الضوء من قبل البعض عن حجم المعاناة التي تعاني منها ساكنة المنطقة الضاربة جذورها في تاريخ المغرب النضالي، حيث ضعف البنيات التحتية وفضاءات الترفيه، ولا ملجأ مناسب للشباب يقيهم شبح الهجرة والبطالة والانحرافات وانتشار ظاهرة المختلين والمختلات.
مدينة ابن احمد تحولت إلى قبلة للباحثين عن الخبر
بعد ورود أخبار العثور على أطراف بشرية دون الرأس والرجلين داخل مرحاض بالمسجد الأعظم بمدينة ابن أحمد، حتى شدت الأنظار إلى المنطقة، حيث تحول محيط مسرح الجريمة إلى قبلة للمنقبين عن الأخبار، من ساكنة المدينة وخارجها، الكل احتشد، ومن هناك بدأت الأخبار تتناسل عبر الألسن، كل واحد يفسر الواقعة من منظوره الخاص، فيما آخرون أدلوا بشهادات في حق المشتبه فيه الرئيسي الذي يوجد اليوم في قبضة الأمن وتحت الحراسة النظرية.فعلى بعد حوالي 50 كيلومتر شرق مدينة سطات، يقودك المسير بطريق كثيرة المنعرجات والحفر والمنحدرات إلى ملامسة نسيم عليل نابع من بين ثنايا منطقة غنية بالعلم والعلماء ورموز النضال السياسي، لتجد أمامك علامة تشوير ايذانا بدخولك مدينة ابن أحمد.
هذه المنطقة التي هجرتها “كاميرات شوفوني” منذ أمد بعيد دون أن يتطرق أي أحد لهموم ومشاكل ومعاناة ساكنتها التي تعاني الويلات، قبل أن تتحول إلى قبلة لمختلف المنابر الاعلامية لا لنقل هذه المعاناة وكشف المستور وتعرية المطمور، بل للسباق نحو جمع المعطيات في إطار ما بات يعرف ب”السبق الصحفي في قضية ماباتت تعرف ب” جريمة مرحاض المسجد الأعظم”.
“هبة بريس” بمهنية عالية، ارتأت أن تأخذ منحى آخر في هذا السباق المحموم من جهة نظر مخالفة لما سبق، بهدف تسليط الضوء عن واقع المنطقة المزري والاستماع إلى نبض ساكنتها، التي أبى بعضها إلا أن يخرج عن صمته معلنا أن شباب المنطقة يعيش حالة من اليأس والبطالة بسبب غياب فرص الشغل وتحول المنطقة إلى ما يشبه سجنا كبيرا، فيما تساءل آخرون عن مآل مستشفى الأمراض التنفسية التي تحولت بنايته إلى أطلال وسط فضاء غابوي مهدد بالانقراض.
جريمة داخل مرحاض مسجد
استكمالا للتحقيقات الجارية لفك ملابسات وظروف العثور على أطراف بشرية مساء يوم الأحد الماضي، داخل دورات المياه بالمسجد الأعظم بعاصمة امزاب، علمت هبة بريس من مصادرها، أن الأجهزة الأمنية وبعد تفتشيها لقنوات الصرف الصحي، عثرت أيضا على أشلاء بشرية، لتنضاف إلى أشلاء أخرى سبق وأن تم العثور عليها أمس الإثنين بمحيط مدرسة، مما خلف موجة من الاستنفار القصوى بين صفوف مختلف الأجهزة التي وسعت من دائرة تحقيقاتها تمشيطا بمختلف المناطق المشتبه فيها.
الأمن يتفاعل
كانت عناصر الشرطة القضائية معززة بالشرطة العلمية والتقنية قد باشرت منذ زوال يوم الأحد الماضي، إجراءات معاينة بقايا عظام وأطراف بشرية، ثم العثور عليها ملفوفة داخل أكياس بلاستيكية بدورات المياه الملحقة بالمسجد الأعظم بمدينة بن أحمد، فضلا عن حجز مجموعة من الأسلحة البيضاء بعين المكان.
وتشتبه مصالح الشرطة، في هذه المرحلة من البحث، في شخص تظهر عليه أعراض اندفاع قوية وسلوك غير طبيعي، والذي تم ضبطه بمسرح الجريمة قبل وقت وجيز من اكتشاف أجزاء الجثة، وهو يرتدي ملابس داخلية تحمل أثار دماء.
كما أسفرت عمليات التفتيش المنجزة بمنزل المشتبه فيه، عن حجز منقولات وممتلكات شخصية مشكوك في مصدرها، يجري حاليا البحث حول ظروف وملابسات حيازتها من طرف المعني بالأمر، وعلاقتها المفترضة بالضحية.
ويجري حاليا إخضاع الأجزاء البشرية المعثور عليها للخبرات الجينية الضرورية، لتشخيص هوية صاحبها قيد حياته، كما يجري كذلك فحص عينات الحمض النووي المرفوعة من مسرح الجريمة ومن ملابس المشتبه فيه، لتحديد مدى تورطه في ارتكاب هذه الجريمة، وكذا الكشف عن جميع الظروف والملابسات والخلفيات المرتبطة بارتكاب هذه الأفعال الإجرامية.
تابعوا آخر الأخبار من هبة بريس على WhatsApp
تابعوا آخر الأخبار من هبة بريس على Telegram
تابعوا آخر الأخبار من هبة بريس على X