إهمال حديقة بلفدير بأكادير وتجدد سؤال صيانة المشاريع
هبة بريس- عبد اللطيف بركة
تعد حديقة بلفدير بأكادير إحدى المعالم البيئية والسياحية الهامة في المدينة، حيث تعد متنفسًا للساكنة والزوار على حد سواء، وتاريخها يعود إلى فترة الاستعمار الفرنسي. لكن، وفي السنوات الأخيرة، بدأت هذه الحديقة التي كانت تحت أنظار المسؤولين والسلطات المحلية تتعرض لحالة من الإهمال الشديد، رغم الجهود الكبيرة التي بذلت لتجديدها.
في عام 2019، تم تخصيص ميزانية ضخمة لعملية تجديد شاملة للحديقة، حيث تمت إضافة مرافق جديدة وصيانة بعض المساحات الخضراء من أجل تحسين الأجواء البيئية وجعلها أكثر جذبًا للزوار. لكن المفاجأة كانت في أن الحديقة سرعان ما عادت إلى حالة من التدهور والإهمال بعد فترة قصيرة من افتتاحها. الأشجار المصفرة، المساحات المهملة، والألعاب أتلفت، كانت من أبرز مظاهر هذا التدهور.
صيانة المشاريع: أين اختفى الاهتمام؟
من خلال هذه الحالة، يبرز السؤال الأهم: لماذا لا يتم الحفاظ على المرافق التي تم صرف الملايير من أجل تجديدها؟ تكمن الإجابة جزئيًا في غياب التخطيط المستدام للصيانة، حيث أن العديد من المشاريع في المدن المغربية تعاني من ضعف في متابعة الصيانة بعد انتهاء مراحل التجديد. لا يكفي أن تتم عملية التجديد أو الإعمار؛ بل يجب أن تكون هناك آلية لضمان استدامة تلك المشاريع على المدى الطويل.
الحالة التي آلت إليها حديقة بلفدير تبرز إشكاليات الصيانة في المدن المغربية بشكل عام، إذ غالبًا ما تُهمل المساحات العامة بعد تجديدها، إما بسبب نقص الموارد المخصصة للصيانة الدورية أو بسبب نقص الإدارة الكفؤة التي تشرف على تلك المشاريع.
إدارة المشاريع وتوزيع الميزانيات: هل هناك مسؤولية؟
من المؤكد أن جزءًا من المسؤولية يقع على عاتق الجهات المسؤولة عن تسيير الشأن المحلي في أكادير، بدءًا من المجلس البلدي وصولًا إلى الوكالات الحكومية المعنية. عدم تخصيص ميزانيات كافية للصيانة الدورية أو غياب المراقبة الميدانية لمشاريع تجديد الحدائق والمرافق العامة يساهم في تدهور الوضع. إضافة إلى ذلك، فإن عدم وجود تنسيق بين مختلف المتدخلين يعقد من مسألة التدخل السريع لمعالجة المشكلات التي قد تظهر.
التحديات البيئية والاجتماعية: ماذا بعد؟
إلى جانب التحديات الإدارية، هناك تحديات بيئية واجتماعية تفرض نفسها في هذا السياق. فإلى جانب الإهمال الذي يطال حديقة بلفدير، هناك مشاكل تتعلق بالتلوث البيئي وعدم وجود حلول فعالة للتعامل مع النفايات أو الحفاظ على نظافة المساحات العامة. هذا التدهور لا يقتصر فقط على الشكل الجمالي للحديقة، بل يمتد أيضًا إلى تأثيره السلبي على البيئة والمواطنين.
إضافة إلى ذلك، يعكس هذا الإهمال شعورًا عامًا بعدم المسؤولية الاجتماعية تجاه المرافق العامة، ما يؤثر بشكل مباشر على علاقة المواطنين بهذه الأماكن وأسلوب تعاملهم معها. في غياب الرقابة المجتمعية، يزداد الإهمال وتنتشر الممارسات السلبية، مما يحول هذه الحدائق من أماكن للترفيه والاستجمام إلى مواقع مكشوفة أمام المخاطر البيئية والاجتماعية.
الحلول الممكنة: نحو صيانة مستدامة
لضمان استدامة مشاريع التجديد وتحقيق استفادة مستمرة منها، يجب أن تتبنى المجالس المنتخبة نهجًا متكاملاً في إدارة الصيانة. ومن بين الحلول الممكنة:
تخصيص ميزانيات واضحة للصيانة: ينبغي تخصيص ميزانيات مستقلة ومحددة لصيانة الحدائق والمرافق العامة بعد تجديدها، مما يضمن استدامة المشاريع على المدى البعيد.
التشجيع على الشراكات المجتمعية: يمكن تعزيز التعاون بين السلطات المحلية والمجتمع المدني من خلال شراكات ترمي إلى مراقبة حالة الحدائق والعمل على صيانتها بشكل جماعي.
مراقبة الجودة والإدارة الجيدة: من الضروري اعتماد نظام رقابي صارم يتابع جودة العمل المنجز في مشاريع التجديد وتقييم الاحتياجات الفعلية للصيانة. وكذلك التوعية والتحسيس.