
القرار الملكي بإلغاء “أضحية العيد” وتأثيراته على الاقتصاد والمواطن
هبة بريس- عبد اللطيف بركة
في قرار تاريخي يعد الثاني من نوعه، أعلن القصر الملكي عن إلغاء أضحية العيد هذا العام، وذلك انطلاقاً من الالتزام بتوجيهات الشريعة الإسلامية التي تؤكد في قوله تعالى: “وما جعل عليكم في الدين من حرج”.
وقد جاء هذا القرار في وقت تتسم فيه الأوضاع الاقتصادية بحالة من الصعوبة التي أثرت بشكل كبير على القدرة الشرائية للمواطنين، لا سيما في ظل غلاء الأسعار والتحديات التي يواجهها قطاع الثروة الحيوانية في المملكة.
كرونولوجية القرار:
منذ بداية السنة الحالية، شهد المغرب تطورات متسارعة في مختلف المجالات، خصوصاً في الوضع الاقتصادي الذي لا يخلو من صعوبات، ومع اقتراب عيد الأضحى، بدأت التساؤلات تزداد حول القدرة على توفير أضحية العيد، بالنظر إلى الأزمة الاقتصادية التي يعاني منها المواطنون، وكذلك مع تدهور الوضع المعيشي، والارتفاع المتزايد في الأسعار، شرعت السلطات في دراسة الوضعية عن كثب، حيث اتضح أن غلاء أسعار الأضاحي بات يشكل عبئاً كبيراً على العائلات.
ومع تأزم الوضع، ونتيجة التقريرات التي انكبت عليها وزارة الداخلية بتنسيق مع قطاعات وزارية اخرى، تم اتخاذ قرار استقبله المجتمع المغربي بترحاب كبير ، يحمل في طياته حرص المملكة على الحفاظ على استقرار المواطنين، وضمان عدم تكبّدهم أعباء إضافية في وقت يعانون فيه من ضعف القدرة الشرائية.
تدني القدرة الشرائية للمواطن:
تعتبر القدرة الشرائية للمواطن المغربي من أبرز التحديات التي فرضت نفسها على الساحة خلال السنوات الأخيرة، فقد عانى الكثير من المواطنين من انخفاض الدخل وضعف الأوضاع الاقتصادية، وهو ما يعكس إلغاء أضحية العيد أحد الآثار المباشرة لهذا التدني، حيث أصبح من الصعب على العديد من العائلات توفير ما يكفي من المال لشراء أضحية العيد، خصوصاً في ظل التحديات المعيشية المرتبطة بغلاء المعيشة.
غلاء الأضاحي كما وقع السنة الماضية
عام 2024 كان من أصعب الأعوام بالنسبة للمواطن المغربي، حيث شهدت أسعار الأضاحي ارتفاعاً غير مسبوق، فقد وصل سعر الأضحية إلى مستويات غير مألوفة، مما أدى إلى احتجاجات من قبل المواطنين الذين لم يتمكنوا من شراء الأضاحي، بينما كانت فئات أخرى من المواطنين ترى أن أسعار الأضاحي قد أصبحت بعيدة عن متناول الفئات المتوسطة والفقيرة.
تدهور وضعية القطيع الوطني:
لم تقتصر الصعوبات على الجوانب الاقتصادية فقط، بل طالت أيضاً الوضع البيئي والتصنيعي لقطاع الثروة الحيوانية في المملكة، فقد شهد المغرب انخفاضاً ملحوظاً في أعداد القطعان من الأغنام والماعز والبقر، نتيجة عدة عوامل بيئية واقتصادية متداخلة، وبالرغم من محاولات الحكومة المغربية للنهوض بالقطاع، فقد أظهرت التقارير الصادرة عن وزارة الفلاحة تدهوراً ملحوظاً في صحة وأعداد القطيع الوطني، مما جعل تلبية الطلب على اللحوم الحمراء بمثابة تحدي صعب.
عدم قدرة الاستيراد على سد الخصاص:
على الرغم من استراتيجيات الحكومة لدعم عملية استيراد المواشي لسد الخصاص في السوق المحلي، إلا أن تلك الجهود لم تكن كافية لمواجهة الزيادة الكبيرة في الطلب على اللحوم الحمراء في فترة الأعياد، وقد أثرت قلة المواشي المستوردة على الأسواق، مما ساهم في زيادة الأسعار بشكل غير مسبوق، خاصة في فترة قرب العيد.
مجهودات الحكومة لمواجهة الأزمة:
وعلى الرغم من مجهودات الحكومة المغربية لاحتواء الأزمة، مثل دعم مربي المواشي وتحسين الخدمات الصحية للقطيع الوطني، إلا أن الواقع لم يعد يحتمل زيادة الطلب على اللحوم الحمراء في هذا الوقت الحساس، وقد أظهرت التقارير أن القطيع الحيواني الوطني لم تعد قادر على تلبية احتياجات السوق، مما دفع بالقصر الملكي إلى اتخاذ قرار حاسم يقضي بإلغاء أضحية العيد لهذا العام، بهدف حماية المواطنين من أعباء إضافية.