
المخدرات والعنف الاجتماعي يهددان استقرار تونس
شهدت تونس في السنوات الأخيرة تزايدًا ملحوظًا في مظاهر العنف والجريمة، رغم التصنيفات العالمية التي تشير إلى أن البلاد تعد الأقل في نسبة الجرائم في المنطقة. إلا أن هذا التراجع لا يتناسب مع شعور المواطنين، حيث يعانون من تصاعد العنف خاصة في شكل جرائم بشعة تنشرها وسائل الإعلام ومواقع التواصل الاجتماعي، مما يزيد من الشعور بعدم الأمان.
في سنة 2014، صنف مؤشر “نامبيو” تونس في المركز 65 عالميًا، مشيرًا إلى تراجع مستوى الجريمة. لكن، وبالرغم من هذا التراجع الإحصائي، يعكس الواقع المحلي شعورًا متزايدًا بالخوف والتوتر. تتنوع الجرائم من الاعتداءات العنيفة في المدارس إلى القتل العائلي، ومن عمليات التنكيل إلى جرائم شبابية غير مبررة.
تشير الإحصائيات إلى أن أكثر من 80% من مرتكبي الجرائم في تونس هم من الشباب بين 18 و30 عامًا. وهي فئة تأثرت بالأوضاع السياسية والاجتماعية التي مرت بها البلاد، بالإضافة إلى تدهور دور الأسرة والمدرسة في التربية والتعليم. ولعل أبرز ضحايا هذا العنف هم النساء والأطفال وكبار السن الذين يعانون من ضعف بدني يجعلهم عرضة للاعتداءات.
من بين الأسباب الرئيسية لهذه الظاهرة، يعتقد البعض أن الاضطرابات النفسية، الفقر، والتهميش الاجتماعي تلعب دورًا في تزايد العنف. كما يعزف البعض عن تقديم الدعم الكافي للأسرة والمؤسسات التعليمية مما يفاقم الأزمة الاجتماعية. في هذا السياق، تشير تقارير إلى أن ضعف الدولة في مواجهة هذه الأزمات يساهم في تفشي الجريمة والعنف.
أما المخدرات فهي أحد الأسباب الأخرى المساهمة في هذا العنف، حيث شهدت البلاد في سنة 2024 زيادة كبيرة في القضايا المتعلقة بتجارة واستهلاك المخدرات بنسبة 19.1%. تؤدي هذه الظاهرة إلى تدمير العلاقات الأسرية والاجتماعية، مما يؤدي إلى تفشي العنف الأسري والإجرام في المجتمع.
في حديثه مع “القدس العربي”، أكد عبد الباسط بن حسن، رئيس المعهد العربي لحقوق الإنسان، أن العنف في تونس يمثل ظاهرة خطيرة تثير قلق المجتمع. وأوضح أن الحلول الشاملة يجب أن تتضمن إصلاحات قانونية وسياسية، بالإضافة إلى تحسين التعليم والثقافة والتربية لتخليص المجتمع من هذه الظاهرة.
وأوضح بن حسن أن من بين الأسباب المؤدية إلى العنف هي سياسات حكومية غير فعالة، نقص العدالة الاجتماعية، والظروف الاقتصادية السيئة التي تؤدي إلى التهميش والإفقار. كما أشار إلى العنف الرقمي الذي أصبح يمثل تهديدًا جديدًا في الفضاء الإلكتروني.
فيما يتعلق بالحلول المقترحة، قال بن حسن إن من الضروري تحسين القوانين وإرساء سياسات عمومية شاملة تهدف إلى تعزيز العدالة الاجتماعية. كما أكد على أهمية دور المجتمع المدني في المشاركة الفعالة في محاربة العنف وخلق بيئة آمنة للجميع.
تابعوا آخر الأخبار من هبة بريس على WhatsApp
تابعوا آخر الأخبار من هبة بريس على Telegram
تابعوا آخر الأخبار من هبة بريس على X