
مرصد حقوقي يدعو إلى التحقيق في اختلالات الأسعار وتفعيل آليات الرقابة
هبة بريس- عبد اللطيف بركة
في بيان جديد توصلت به جريدة “هبة بريس”، أعرب المرصد الوطني لمحاربة الرشوة وحماية المال العام عن قلقه البالغ إزاء الارتفاع المستمر لأسعار العديد من المواد الأساسية، مثل المحروقات، والخضر والفواكه، واللحوم والأسماك، حيث يُلاحظ بشكل متزايد اتساع الهوامش بين سعر البيع في المصدر وسعره عند المستهلك، وهو ما يفاقم الضغط على القدرة الشرائية للمواطنين بشكل غير مبرر.
فشل السياسات العمومية في ضبط الأسواق
يعتبر المرصد أن هذه الارتفاعات لا تعكس فقط وجود الوسطاء في سوق المواد الأساسية، بل هي نتيجة مباشرة لفشل السياسات العمومية في ضبط الأسواق، مشيرا إلى أنه عوض تقديم حلول فاعلة، تم إرساء منظومة توزيع معقدة تضم عدة مستويات من الوسطاء، ما أدى إلى تركيز المصالح في يد فئة قليلة من المضاربين.
ووسط هذا الوضع، كشف بيان المرصد أن البلاد لازالت تفتقر إلى آليات رقابة فعالة، على الرغم من وجود تقارير صادرة عن مؤسسات رقابية مثل مجلس المنافسة التي كشفت عن اختلالات خطيرة في بعض القطاعات.
مطالبات بتفعيل القوانين لمكافحة الاحتكار
وفي سياق متصل، يبرز المرصد غياب الإرادة السياسية اللازمة لتفعيل قوانين المنافسة، ما يسهم في تفاقم الأوضاع. وفي هذا الإطار، يدعو المرصد إلى فتح تحقيقات شفافة في كيفية تمكن المضاربين من التحكم في الأسعار، وإضعاف آليات السوق بشكل واضح.
كما يعتبر المرصد أن من الضروري طرح نتائج “المخطط الأخضر” للنقاش، خاصة فيما يتعلق بتأثيره على الأمن الغذائي وعدالة التوزيع، وتقييم مدى تحقيقه لأهدافه في تحسين الإنتاج الفلاحي وحماية صغار الفلاحين.
حلول هيكلية لإصلاح الأسواق
من أجل مواجهة هذه الاختلالات، قدم المرصد الوطني لمحاربة الرشوة وحماية المال العام مجموعة من الحلول التي تراها ضرورية لضمان استقرار السوق وحماية المستهلكين وتشمل هذه المطالبات:
فتح تحقيقات معمقة في آليات المضاربة والاحتكار، مع محاسبة الجهات المتورطة في رفع الأسعار بشكل غير مشروع.
إصلاح القوانين المنظمة للأسواق، وتجريم المضاربة والاحتكار، مع منح مجلس المنافسة صلاحيات حقيقية لتفعيل الرقابة وفرض العقوبات الرادعة.
مراجعة قوانين حماية المستهلك لتشمل تدابير أكثر صرامة تجاه التلاعب بالأسعار والشفافية في سلاسل التوزيع.
تفعيل آليات ضبط الأسعار في القطاعات الاستراتيجية وضمان شفافية التعاملات التجارية.
مع الدعوةلتقوية المجتمع المدني وجمعيات حماية المستهلك، عبر دعمها قانونياً ومادياً لتعزيز دورها في الدفاع عن حقوق المواطنين.
محاربة تضارب المصالح عبر تشريعات تمنع الجمع بين صناعة القرار الاقتصادي والسياسي.
تعزيز البيع المباشر ودعم التعاونيات لتمكين الفلاحين والصيادين من الوصول إلى الأسواق بشكل مباشر دون الحاجة إلى وسطاء يرفعون الأسعار بشكل غير مبرر.
الإصلاحات الهيكلية هي الحل
وفي ختام البيان، شدد المرصد على أن استمرار الأزمة الحالية دون تدخل حقيقي يهدد الاستقرار الاجتماعي والاقتصادي للبلاد، ويزيد من تعميق الفجوة بين المواطن والدولة.
وطالب المرصد بأن الحل لا يكمن في إجراءات ظرفية، بل في إصلاحات هيكلية تهدف إلى إعادة التوازن للأسواق، وضمان حماية المستهلكين من جشع المضاربين، مؤكداً التزامه الدائم برصد هذه الاختلالات والدفاع عن حق المواطنين في اقتصاد أكثر عدالة وشفافية.