مع مطلع السنة الميلادية الجديدة.. الدجاج الرومي “دار الݣرون”

أحمد مصباح – الجديدة

ذهول وصدمة، مع مطلع السنة الميلادية 2025، التي استقبلها المغاربة على وقع وإيقاع الزيادة الصاروخية في سعر “الدجاج الرومي”، الذي قفز، أمس واليوم، الخميس والجمعة، في ثاني وثالث أيام السنة الميلادية، إلى 27 درهم للكيلوغرام الواحد، بعد أن تخطى، في أخر يوم من عمر السنة الفارطة (2024)، عتبة 24 درهم، للكيلوغرام، محطما بذلك، في هذه الظرفية والظروف، رقما قياسيا جديرا بأن يدرج في “كناش غينيس”.

ما يؤشر على مزيد من المفاجئات والزيادات في المواد الاستهلاكية، خلال هذه السنة الميلادية، التي أطلت على المغاربة، الذين استشروا خيرا بحلولها؛ هذه السنة التي بقي في عمرها أو من عمرها 363 يوما، الله وحده، عالم الغيب، يعلم ما قد تخفيه من أزمات معيشية، ذات ارتدادات اقتصادية واجتماعية، وانعكاسات على القدرة الشرائية، التي تدهورت بشكل ملحوظ، والتي لم تعد حتى الطبقة المتوسطة وأصحاب الدخل المتوسط، يسلمون من ويلات الاكتواء بنيرانها الملتهبة، التي باتت تأتي على الأخضر قبل اليابس.

هذا، وكان للجريدة اتصال بباعة بالتقسيط لهذا الصنف من الدواجن، “الدجاج الرومي”، وليس “الديك الرومي، بلونيه الأسود والأبيض، والذي يعرف ب”بيبي”؛ حيث أفادوا أنهم تفاجأوا بكون سعر الكيلوغرام قفز بشكل صاروخي إلى أعلى مستوياته في السوق، حيث تخطى 24 درهم، السعر الذي سجله، في أخر أيام السنة الميلادية (2024)، التي أقبرها العالم والمغاربة إلى غير رجعة، ليستقر، مطلع السنة الميلادية الجديدة، لليوم الثاني على التوالي، في 27 درهم.

وقد عزا الباعة بالتقسيط هذا الغلاء المهول، الذي يهدد الأمن الغذائي، إلى ارتفاع تكلفة إنتاج “الدجاج الرومي”، الذي يحتاج، طيلة فترة تربيته، التي تناهز 50 يوما، إلى عناية خاصة، تكمن في توفير درجات الحرارة والتدفئة المناسبة، وإلى التلقيحات المتنوعة وغيرها، التي تصاحب، منذ فقض البيض وتفريخه، وجلبه عندما يكون “فلوس”، على امتداد مراحل نموه، إلى غاية تسويقه، وإخضاعه من ثمة لقانون العرض والطلب، الذي يحدد ثمن البيع، الذي يدفعه المستهلك، والذي يشمل خدمة “الترياش”.

وقد ساهم في ارتفاع أسعار هذا النوع من اللحوم البيضاء، التي باتت ملاذ العائلات، التي أصبحت تصد بظهرها للحوم الحمراء، التي يزيد ثمنها عن 110 درهم للكيلوغرام، وكذا، الأسماك، وفي مقدمتها السردين، الذي يصل ثمنه أحيانا 20 درهم للكيلو.. ليستقر، شهر رمضان، في 30 درهم، في المغرب، الذي يتوفر على سواحل بحرية، تطل على البحر الأبيض المتوسط والمحيط الأطلسي، وحتى في إقليمي الجديدة وسيدي بنور، اللذين يصل طول شواطئها البحرية 150 كيلومترا (ساهم في ارتفاع الأسعار)، إلى جانب قسوة ظروف الطقس، وموجة الجفاف، غلاء مواد العلف، وظروف التربية والإنتاج، في ظل غياب الدعم، وغلاء غاز البوطان، والمحروقات (..). المحروقات التي تستمر بالمناسبة أسعارها بالمغرب، تتجاوز، للسنة الثالثة على التوالي، المتوسط العالمي، وفق ما أكده موقع “غلوبال بترول برايس”، المتخصص في تتبع ومقارنة ورصد أسعار البترول عبر العالم. إذ رصد التقرير أن متوسط سعر الغازوال في المغرب، بلغ، إلى حدود 23 دجنبر 2024، حوالي 1.119 دولار امريكي للتر الواحد، متخطيا بذلك سعر متوسط الغازوال، المسجل على المستوى العالمي (1.17 دولار أمريكي)، وكذا، السعر المسجل في 14 دولة، في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، ليحتل بذلك المغرب المرتبة ال77، ضمن أرخص دول العالم، في أسعار الغازوال، من بين 167 دولة شملها التصنيف.

هذا، ومن المفارقات التي يستحضرها كبار السن والمخضرمون، الذي عاصروا وعاشوا في سبعينيات القرن الماضي، أن الحكومة، عندما كانت تعتزم إجراء بعض الزيادات في المواد الاستهلاكية، والتي لم تكن منحصرة في سلم ألضروريات، ولكن حتى في سلم الكماليات، كانت تلجأ إلى إشعار المواطنين والرأي العام مسبقا، عبر وسائل الإعلام، بهذه “الزيادات النادرة”، التي كانت تترجم ب”السنتيمات”، وليس ب”الدراهم”، كما طرأ على سبيل المثال، منذ جائحة “كوفيد”، على المحروقات، التي لم تعرف بعد طريق العودة والاستقرار في أسعارها الأصلية، بشكل لم يلمسه المغاربة ومستعملو وسائل النقل والعربات ذات محركات، منذ 3 سنوات متتالية، رغم تراجع الأسعار في العالم، وفي الأسواق الدولية.

إن ظروف العيش وضعف القدرة الشرائية، وأسبابها وسبل معالجتها وإيجاد الحلول الناجعة لتجاوزها، رهينة بعزيمة وعزم السلطات الحكومية، التي تسهر على تنفيذ السياسات والاستراتيجيات العمومية، والمخططات الخضراء والزرقاء، و”بألوان الطيف”؛ هذه الجهات التي تتوصل بشكل يومي، من الجهات المعنية والمختصة، القائمة على تدبير الشأن العام والترابي، بتقارير رسمية مفصلة، ذات طابع استعلاماتي، من قلب الأسواق و”السويقات”، في موضوع الأسعار التي مافتئت تسجلها المواد الغذائية والاستهلاكية، بما فيها على سبيل المثال، ثمن “المطيشة” و”السردين”.

إلى ذلك، فإن المغاربة، الذين ودعوا، بالتحام عقربي الساعة في خط عمودي متواز، بحلول الساعة الصفر (00) من ليلة الثلاثاء–الأربعاء الماضية، السنة الميلادية 2024، على وقع وإيقاع ما حملته بين أحشائها، من مسرات، لم تكن منفصلة عن مآس وجراح عميقة، قد استبشروا خيرا، باستقبال السنة الميلادية الجديدة (2025)؛ هذه السنة التي باتت تكتنفها وتكتنف الراهن والمستقبل، معالم وأفق ضبابية، في ظل استمرار غلاء المواد الغذائية والاستهلاكية، وارتفاع أسعار المحروقات، وغلاء تسعيرات الطرق السيارة “لوطوغوت” (..).

إن أزمة اللحوم الحمراء وحتى البيضاء (الدواجن)، تضرب المغرب، وتعصف بالقدرة الشرائية للمستهلك؛ حيث إن “البكري” (لحوم الأبقار)، قد تخطى ثمنه 100 درهم للكيلوغرام الواحد، ليصل أحيانا 120 درهما، في ظل ندرة لحوم الأغنام، التي باتت مهددة “بالانقراض”، وكأنها من فصيلة “الديناصورات”، سيما في أعقاب عيد الأضحى الأخير، الذي كان سببا مباشرا في اختلال أعداد قطيع الأغنام؛ ما جعل ثمن الكيلو الواحد من لحوم “الخروفة” يتعدى سقف 120 درهم.

إن غلاء اللحوم الحمراء، من المتوقع أن تزداد حدة، في ظل موجة الجفاف، الذي بات شبحه يخيم على العديد من المناطق في المغرب؛ الجفاف الذي فتح الباب على مصراعيه للاحتكار والمضاربة في مواد العلف، بما فيها “التبن”، الذي يعمد كبار الفلاحين–المضاربين بمنطقة عبدة (كجماعة لبخاتي)، إلى جلبه، خلال شهر يونيو ويوليوز، بأثمنة تفضيلية، من منطقة الغرب والشاوية ونواحي مكناس (..)، على متن شاحنات من الحجم الكبير، والاحتفاظ به مكدسا على مشارف الدواوير والتجمعات السكنية، إلى حين ارتفاع أسعاره بشكل مهول، ليتم إخراجه وتسويقه بأثمنة جد مرتفعة، تتخطى 60 درهم ل”البالة” الواحدة من التبن، في حين تتخطى “البالة” الواحدة من “الفصة” 100 درهم؛ والجدير بالإشارة إلى أن ممارسة هذا النوع من المزروعات ومن العلف وبعض الخضروات، تسخر في عملية سقيها الآبار، التي تم حفرها بشكل عشوائي، ومخالف للقانون، تحت جنح الظلام، وخلال عطلة نهاية الأسبوع، وفي المناسبات التي تتعطل فيها “الإدارة”، وفي ظروف لا تخفى على أحد، والتي أضحت تكتسح، دون حسيب ورقيب، وفي غياب الردع، تراب جماعة لبخاتي، معرضة بذلك الفرشة المائية للاستنزاف.

قراءة الخبر من المصدر

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى