أكادير.. وفاة أشهر عازف لآلة الرباب بالمغرب وسط غياب للمسؤولين في جنازته

هبة بريس- عبد اللطيف بركة 

في حياته، تجاوز صيته حدود المغرب، لكنه في مماته، خلف وراءه غيابًا مؤلمًا وأثراً عميقًا في قلوب محبيه.

إنه الرايس الحسن بلمودن، الفنان الذي أفنى حياته في خدمة الفن الأصيل وترك بصمة لا تُمحى في تاريخ الروايس والموسيقى الأمازيغية.

اليوم، بعد رحيله، يبدو أن غيابه قد كشف عن غياب آخر؛ غياب عن الجنازة التي كانت لتكون فرصة لتكريم هذا الرمز الثقافي في حياته ومماته، وغياب مؤلم في حضور المسؤولين والمنتخبين المحليين في جنازته.

في الوقت الذي كانت جنازته يوم أمس الاربعاء 22 يناير الجاري، بمقبرة أكادير ، تعكس مدى التأثير العميق الذي تركه الراحل في قلوب محبيه، الذين جاؤوا من مختلف مدن المغرب ومن خارج البلاد لتوديع الفنان الذي أحبوه، إلا أن غياب المسؤولين المحليين والجهويين كان له وقع مرير.

كيف لا يكون للرايس الحسن بلمودن، الذي أفنى عمره في رفع راية الثقافة الأمازيغية وإثرائها، التفاتة تليق بمكانته؟ كيف لا يكون الحضور الرسمي لرمز من هذا الحجم، الذي ساهم في إشعاع مدينته وبلاده في الساحة الفنية الدولية؟

إنه من غير المقبول، كما يراه كثيرون، أن يُترك شخص بهذا الحجم، الذي جعل من آلة الرباب وسيلة للتعبير عن الثقافة والفن الأمازيغي، دون الاعتراف اللائق من قبل المسؤولين المحليين والجهويين.

لماذا لا تكون هذه اللحظات، لحظات وداع أحد رموز الفن، فرصة لتجسيد احترامنا واعتزازنا بمساهماتهم؟

عدد من محبي ومتابعي مسيرة الفنان بلمودن ، صرحوا ل ” هبة بريس”عن استنكارهم من حجم الإهمال الذي تعرف له فنان كبير في مرضه وبعد مماته، من طرف المسؤولين أولا على قطاع الثقافة مركزيا وجهودا ، وكذلك المسؤولين المحليين، وهو إهمال بحسب قولهم  لا يليق بأحد الفنانين الكبار الذين كرسوا حياتهم لنشر الثقافة والفن.

لقد كانت حياة الحسن بلمودن رحلة طويلة في خدمة الموسيقى الأمازيغية، وجاء اليوم الذي نستودعه فيه إلى مثواه الأخير، ولا بد أن يكون هذا الغياب درسًا لجميع المسؤولين لإعادة النظر في تعاطيهم مع رموز الثقافة والفن الأمازيغي.

وُلِد الحسن بلمودن في عام 1954 بإقليم تارودانت في جنوب المغرب، وتربى في إقليم شيشاوة بالقرب من مراكش، ليبدأ مسيرته الفنية في أواخر ستينيات القرن الماضي، حيث كان عازفًا على الناي وآلة الرباب.

على مر السنين، عزف إلى جانب كبار الفنانين الأمازيغ مثل محمد الدمسيري وأحمد أمنتاك وعمر واهروش، وحقق شهرة واسعة لم تتوقف حدود المغرب فقط، بل امتدت إلى أوروبا وأمريكا.

وها هو اليوم، وهو الذي قدّم الكثير للفن الأمازيغي، يرحل عن عالمنا، تاركًا خلفه إرثًا فنيًا لا يُنسى، في انتظار أن يتحمل الجميع مسؤولياتهم في الحفاظ على هذا الإرث وتقديره.

قراءة الخبر من المصدر

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى