الناظور بين الانتصار والفضيحة.. فوز هلال الناظور وتأهله لدور الـ16 يُفضح عجز المسؤولين

هبة بريس – محمد زريوح

بعد تأهل فريق هلال الناظور لكرة القدم إلى دور الـ16 من كأس العرش، أصبح هذا الإنجاز الهام محط اهتمام كبير، لكنه كشف عن مشكلة أساسية تهدد الرياضة في المدينة.

الفريق الذي انتزع بطاقة التأهل بعد أداء قوي، كان من المفترض أن يحتفل بهذا الحدث الرياضي الهام في ملعبه، لكن المفاجأة كانت أن ملعب الهلال، الذي يعد واحداً من معالم الناظور الرياضية، لا يرقى إلى مستوى استضافة مباريات بهذا الحجم. فالأرضية تالفة، المرافق غير ملائمة، والظروف لا تسمح بإجراء مباريات كبيرة فيه.

هذه الوضعية أثارت تساؤلات عديدة حول المسؤول عن هذه المهزلة، وأصبحت حديث الساعة بين السكان والمهتمين بالشأن الرياضي في المدينة.

تاريخياً، يعتبر الملعب البلدي بالناظور ومنذ حقبة الاستعمار أحد أقدم الملاعب في الناظور، وقد شهد العديد من الأحداث الرياضية البارزة في الماضي.

لكن على مر السنوات، ونتيجة لعدم الصيانة والتطوير المستمر، أصبح هذا الملعب غير صالح لاستقبال المباريات الكبيرة، خاصة تلك التي تشهد مشاركة أندية كبيرة مثل الاتحاد الإسلامي الوجدي في كأس العرش.

وبعد أن أوقعت القرعة الهلال في مواجهة مع الاتحاد الإسلامي الوجدي في ملعبه، كانت الصدمة أن الملعب لا يستوفي أبسط شروط استضافة المباراة.

هذه الأزمة الرياضية لا تقتصر على الهلال فقط، بل تعكس الوضع العام للبنية التحتية الرياضية في الناظور، والتي لا تتناسب مع الإنجازات الرياضية التي تحققها المدينة.

فإلى جانب الهلال، هناك فرق رياضية أخرى كالفتح والهلال النسوي تواجه صعوبة في تحقيق تطلعاتها بسبب نقص المرافق الحديثة والملائمة.

من المسؤول عن هذا الوضع؟ سؤال يطرحه الجميع، خاصة وأن الناظور تعتبر واحدة من أهم المدن في شمال المغرب، وبوابتها إلى أوروبا.ومشاريعها الملكية ومشروع ميناء غرب المتوسط، هذا الوضع يعكس غياب الإرادة الحقيقية لتطوير الرياضة في المدينة، ويسلط الضوء على عجز المسؤولين المحليين والإقليميين عن اتخاذ خطوات جادة لتحسين البنية التحتية.

فالحديث عن مشاكل الملاعب القديمة ليس جديدًا، لكن ما يثير الاستغراب هو غياب التحرك الجاد لحل هذه المشاكل.

ويعتبر العديد من أبناء الناظور أن ممثلي المدينة في البرلمان والمجالس المنتخبة يتحملون جزءًا كبيرًا من المسؤولية. فقد فشل هؤلاء في توجيه الاهتمام اللازم لتطوير المنشآت الرياضية في المدينة، كما أن هناك ضعفًا في تقديم الدعم الكافي للمشاريع الرياضية التي تساهم في تحسين واقع الرياضة.

بدلاً من ذلك، يواصل المسؤولون المحليون التركيز على قضايا أخرى بعيدًا عن الرياضة، رغم أن تحسين البنية التحتية الرياضية يعد خطوة مهمة نحو تعزيز مكانة المدينة على الصعيدين الوطني والدولي.

هذا التراجع في البنية التحتية الرياضية في الناظور يطال أيضًا جزءًا كبيرًا من الجالية المغربية في الخارج، التي أصبحت أكثر مطالبة بتحقيق تقدم في هذا القطاع. فالجالية التي تعتبر جزءًا أساسيًا من الاقتصاد المحلي، وتملك إمكانيات مادية وفنية كبيرة، طالبت مرارًا بتطوير منشآت رياضية حديثة تستوعب الأنشطة الرياضية الكبرى، وتساهم في رفع مستوى الرياضة في الناظور.

وكان من المتوقع أن تتحرك هذه الجالية لدعم مشاريع تطوير البنية التحتية الرياضية، سواء على المستوى المالي أو من خلال تبني مشروعات رياضية جديدة تتناسب مع احتياجات المدينة.

وفي هذا السياق، تطالب الجالية المغربية في الخارج بإحداث مركب رياضي بالمدينة في الناظور. فهذه الجالية ترى أن الاستثمار في الرياضة ليس مجرد رفاهية، بل هو استثمار في المستقبل يعزز مكانة الناظور ويجذب الأنظار إليها، خاصة في ظل موقعها الاستراتيجي بالقرب من أوروبا.

بالإضافة إلى ذلك، فإن إقامة مركب رياضي بمدينة الناظور يمكن أن يوفر فرصًا جديدة للشباب المحلي، ويعزز من ثقافة الرياضة في المدينة. كما سيكون له دور في استقطاب الفرق والفعاليات الرياضية الدولية، مما يساهم في تحسين اقتصاد المدينة ويضعها على الخارطة الرياضية العالمية.

إلى جانب ذلك، بدأ المجتمع المدني في الناظور في الضغط على المسؤولين المحليين من أجل إعادة التفكير في تطوير المنشآت الرياضية.

هناك دعوات متزايدة من فعاليات المجتمع المدني للعمل بشكل مشترك مع السلطات المحلية والهيئات الرياضية لوضع خطة عمل طويلة الأمد لتحديث الملاعب والمنشآت الرياضية في المدينة. وقد طالب هؤلاء الفاعلون المحليون بإنشاء مركب رياضي يتضمن ملعبًا معاصرًا، بالإضافة إلى مراكز تدريب ومرافق رياضية متعددة الاستخدامات.

ورغم تدهور البنية التحتية الرياضية، أتى فوز الهلال على النادي المكناسي في كأس العرش ليضيف المزيد من الإحراج للمسؤولين عن القطاع الرياضي في الناظور. فبينما يحقق الفريق نجاحات متتالية في البطولة، يتأكد الجميع أن المدينة تفتقر إلى المنشآت التي تواكب هذا النجاح.

فالفوز على النادي المكناسي، في هذه الظروف الصعبة، يكشف عن إمكانيات كبيرة لدى اللاعبين والجهاز الفني، ويُظهر أن الفريق يمكنه التنافس على أعلى المستويات إذا توفرت له الظروف المناسبة. لكن مع غياب البنية التحتية الجيدة، يبقى نجاح الهلال محدودًا في ظل وجود هذه المشاكل اللوجستية.

في هذا الصدد، يرى العديد من المهتمين أن تطوير قطاع الرياضة في الناظور يمكن أن يكون له تأثير إيجابي كبير على المدينة بشكل عام. فإلى جانب تحقيق النجاح الرياضي، سيساهم تحسين البنية التحتية في خلق بيئة مواتية لتطوير المواهب الرياضية المحلية، ويعزز من القدرة التنافسية للفرق على مختلف الأصعدة.

كما سيساعد هذا التطور في جذب المزيد من الاستثمارات الرياضية والسياحية إلى الناظور، مما يسهم في تحسين الوضع الاقتصادي للمدينة.

ورغم هذا، لا يزال الوضع الرياضي في الناظور بحاجة إلى تحرك جاد من الجهات المعنية. إذا كانت الناظور ترغب في أن تكون فعلاً “باب أوروبا” في الرياضة، يجب أن يكون هناك إصلاح حقيقي للبنية التحتية، وأن يتم الاهتمام بالمنشآت الرياضية بما يتناسب مع الطموحات الرياضية للمدينة. يجب على المسؤولين المحليين والإقليميين أن يتحملوا مسؤولياتهم في توفير ملاعب ومرافق رياضية تتناسب مع المستوى الذي يطمح له الفريق المحلي، وأن يكون هناك إشراك حقيقي للجالية المغربية في الخارج لدعم مشاريع تحسين البنية التحتية الرياضية.

الناظور، كمدينة تاريخية وموقع استراتيجي، تستحق بنية رياضية متطورة تعكس مكانتها على الصعيدين الوطني والدولي. ومن الضروري أن يتم إعطاء الأولوية لتطوير المنشآت الرياضية في المدينة، لتكون قادرة على استيعاب البطولات الكبرى، ولتكون الناظور فعلاً “باب أوروبا” في جميع المجالات.



قراءة الخبر من المصدر

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى